وخلق الإنسان ضعيفا - الإيدز
يعيش العالم ــ منذ أكثر من عشر سنوات ــ على ذوي صفارات الإنذار بخطر وباء الإيدز الذي يهدد كل إنسان حيثما كان وكيفما كان، ذلك الوباء الذي أعجز الأطباء وأعيا الخبراء فما استطاعوا أن يقهروه وما استطاعوا له دفعا، وكفى بذلك آية على ضعف الإنسان وقلة حيلته في وقت يظن أنه ساد الكون بعلمه وقوته، وصار قادرا على التحكم في الأرض ومسيطرا على أرجاء الفضاء، فإذا به يؤتى من حيث لم يحتسب، ويصاب بالقاضية التي لا تبقي ولا تذر ولا تدع دارا ولا نافخ نار. ولم يبق أمام الإنسان ــ والحالة هذه ــ إلا أن يفر من الخطر الداهم كما يفر كل مهزوم، وأن يصرخ ويستغيث كما يصرخ كل ضعيف مغلوب، ومن ثم كان اليوم العالمي للإيدز يوما للصراخ والعويل خوفا من هول الخطر المحدق بالبشرية جمعاء،غير أن التحذير من أسباب الوباء الذي ملأ أسماع الناس خلال هذه الأيام لا يكفي في الردع والتنقيم، بل لا بد من فعل يساند القول ولا بد من إجراءات عملية وخطوات مدروسة لضمان حماية صحيحة من هذا الوباء الفتاك. ومن رحمة الله ولطف تقديره أن هذا الوباء محدود في أسباب معروفة ومنحسر في طرق مرسومة لا ينتشر إلا بها ولا يعدي بسواها مما يجعل مقاومته بجد وحزم علاجا حاسما في درء عدواه وردع خطره، والمقاومة الحازمة تقتضي استبعاد أسباب الداء وسد منافذه وضرب حصار منيع حولها ويتجلى ذلك بوضع خطة تتكون من ستة عناصر : أولها:مكافحة البغاء ومطاردة متعاطيه والقعود بهم في كل مرصد. ثانيها: مقاومة المخدرات المستوردة وتشريع عقوبة الإعدام لمن يستوردها ويروجها. ثالثها :أجراء فحوص للدم بالنسبة للواردين من الخارج مواطنين وأجانب. رابعها: إجراء فحوص دورية على العاملين في الملاحة الجوية حيث يثبت الإحصاء الذي أجري في بعض الدول الأوربية أن العاملين في الطيران يعدون في مقدمة الأسباب التي ينتقل بها وباء الإيدز إلى مختلف بلاد العالم. خامسها :فرض رقابة صارمة على مختبرات ومراكز تحاقن الدم حتى لا يتكرر عندنا ما وقع في فرنسا في الشهر المنصرم. سادسها:تعميق التربية الإسلامية في التعليم بكافة مستوياته وفي أجهزة الإعلام، حيث أن وباء الإيدز من أوسع منافذه التي ينتشر منها اقتراف الفواحش ــ الجنس والمخدرات ــ وليس هناك وازع يزع الإنسان عن الوقوع في الفواحش أقوى من وازع الإيمان والتفقه في الدين وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال :من يرد الله به خيرا يفقه في الدين.
